Articles

أي دور للهندسة و للمهندسين المغاربة في نصرة القضية الفلسطينية؟

عقدت النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة يومه الأحد 24 دجنبر 2023 ندوة عن بعد تحت عنوان  » ما دور المهندسين في نصرة القضية الفلسطينية؟». وقد عرفت هاته المحطة نجاحا باهرا حيت تابعها على المباشر زهاء 150 متابعا والذين تفاعلوا بشكل جد مشرف مع ضيوف النقابة السادة المهندسين: إبراهيم أبو الثريا رئيس التجمع الدولي للمهندسين الفلسطينيين، وعيسى مكيكي نائب رئيس مجلس الإدارة بالهيئة العربية الدولية للاعمار في فلسطين، مؤازرين بحسن الجابري عضو مؤسس لنقابة المهندسين المغاربة ولهيئة إعمار فلسطين وأحد المغاربة الأربع الذين شاركوا في أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة سنة 2009. والمهندس الحكيم والمحاضر المتألق حسن شرف، خريج المدرسة الحسنية للأشغال العمومية.

وقد قام المهندس محمد عيسي رئيس النقابة بإلقاء الكلمة الافتتاحية التى استهلها بالترحم على الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الهمجي والوحشي للجيش الصهيوني وتمنى الشفاء العاجل لجرحاهم. قبل أن يعرج على تبيان المكانة التي تضطلع بها القضية الفلسطينية لدى الشعب المغربي عامة ولدى المهندسين المغاربة المنتسبين للنقابة بشكل خاص.

إسهامات النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة في نصرة القضية الفلسطينية:

أثناء العدوان الصهيوني الذي تعرضت له غزة سنة 2008، أي سنة بعد تأسيس النقابة، نظمت النقابة وقفة احتجاجية كبيرة أمام البرلمان المغربي، بالعاصمة الرباط، رفعت خلالها شعارات جد قوية منددة بذاك العدوان. كما شاركت بعد ذلك، معية هيئة المحامين وهيئة العدول ونقابة الأطباء في وقفة ثانية شهدت حضورا متميزا لكبار الشخصيات المغربية المناضلة من أجل القضية الفلسطينية من نقباء المحامين والحقوقيين والإعلاميين.

وسنة بعد ذلك، شاركت النقابة في تأسيس الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة في بيروت. ومنذ ذلك الحين والنقابة تواكب عمل هاته الهيئة وتعرف بمختلف أنشطتها على الصعيد الوطني حيث صارت سندا كبيرا وأساسيا لإخواننا في غزة من خلال إنجاز مجموعة من المشاريع المهمة. كما احتضنت النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة اجتماعات مجلس إدارة هذه الهيئة بالرباط خلال دورات سنة 2014 وسنة 2016 وسنة 2019.

وتابعت النقابة انخراطها في نصرة القضية الفلسطينية، عبر المشاركة سنة 2018 في تأسيس الهيئة الدولية للدفاع على النقابيين والمهنيين الفلسطينيين بميلانو بإيطاليا على هامش التجمع السنوي لفلسطينيي أوربا. ويهدف هذا الإطار الجديد إلى إظهار المعاناة والتهميش الذي يتعرض له النقابيون الفلسطينيون في أماكن تواجدهم والدفاع عنهم.

وفي نفس السنة، ساهمت النقابة أيضا في تأسيس الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين والتي كللت جهودها بالتوقيع سنة 2022 على شراكة مع وكالة بيت مال القدس لترميم مجموعة من المنازل بمدينة القدس الشريف.

أما في سنة 2023، ومنذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة بعد عملية « طوفان الأقصى » والحصار المطبق على القطاع، فقد أصدرت النقابة بيانا تدين فيه مسلسل الإبادة الجماعية الذي يمشي ضحيته الشعب الفلسطيني أمام صمت وعجز دولي منقطع النظير. كما دعت من خلاله المهندسات والمهندسين المغاربة للمشاركة في جميع الفعاليات من وقفات ومسيرات وعبر الوسائط الاجتماعية لدعم النضال الفلسطيني في جميع المواقع.

وفي إطار تنسيق الجهود مع الهيئة الدولية للدفاع عن النقابيين والمهندسين الفلسطينيين، انخرطت النقابة في حملة نظمتها هذه الهيئة لفتح المعابر وإدخال المساعدات لغزة حيث راسلت وزير الخارجية المغربي تطالبه بالعمل مع كافة الهيئات الدولية والمصرية خاصة لحثها على فتح معبر رفح لإغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة.

كيف للهندسة أن تساعد في نصرة القضية الفلسطينية؟

الهندسة رافعة حيوية لإعادة إعمار ما دمره العدو

حسب مداخلة المهندس حسن مكيكي نائب رئيس مجلس الإدارة بالهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين، فإن كل ما يمكن للعالم تقديمه على مستوى الإعمار رهين بوقف الحرب. وحتى ذلك الحين، فإن جل الجهود المبدولة حاليا من طرف هاته الهيئة وداعميها يبقى محصورا، قصرا، في تحضير مشاريع الإيواء العاجلة ثم مشاريع إعمار الوحدات السكنية المدمرة كليا والمدارس والمستشفيات والمساجد والطرق والبنيات التحتية.

وقصد توفير مقومات نجاح هاته المشاريع، تنكب الهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين بتعبئة أكثر من 500 كفاءة هندسية لحصر الأضرار مما سيمكنها ومختلف الجهات المانحة من تقدير التكاليف المبدئية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الصهيوني الغاشم. ومن المنتظر، أن تعطى الأولوية لمشاريع فتح الطرقات وإزالة الأنقاض والمباني الخطرة. ثم يأتي دور تدعيم وترميم المباني المتضررة التي فاق عددها 260.000 حتى تاريخ تنظيم هذا اللقاء الإفتراضي. وكلها مشاريع هندسية من الدرجة الأولى.

ومن باب التعريف، تعتبر الهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين إحدى أهم المنظمات القيادية في مجال الإعمار والبناء في المنطقة. وهي هيئة مدنية غير ربحية، تضم هيئات ومنتديات وشخصيات أهلية هندسية واقتصادية واجتماعية عربية وإسلامية ودولية. تأسست بعد حرب عام 2008 ضد غزة، بمبادرة من نقابة المهندسيين الأردنيين ومقاولي الإنشاءات الأردنيين والمستثمرين في قطاع الاسكان الأردني وبمشاركة قيادات وممثلي الهيئات الهندسية وجمعيات رجال الأعمال في الدول العربية والاسلامية ومجموعة من الشخصيات القومية والوطنية. ثم وسعت نطاقها ليشمل كل فلسطين. وقد أنجزت لغاية الآن أكثر من 84 مشروعا بغلاف مادي ناهز 55.404.950 دولار أمريكي.

الهندسة رافعة حيوية لتعافي الاقتصاد الفلسطيني

نزولا عند مداخلة المهندس إبراهيم أبو الثريا رئيس التجمع الدولي للمهندسين الفلسطينيين، فإن نسبة البطالة فاقت 60 بالمائة لدى فئة المهندسين الفلسطينيين برسم سنة 2023. كما أضاف، بأن هذا العدوان أحدث دمارا شاملا بالجامعات المتمركزة داخل قطاع غزة، مما يجعل التكوين عن بعد أكثر إلحاحا من قبل. وهو نداء لكل الهيئات الهندسية للتواصل مع هذا التجمع الدولي الذي يستطيع لعب صلة وصل مع الكفاءات الهندسية المرابطة بفلسطين.

وفعلا، فإن للهندسة القدرة على تقليل البطالة عبر تشغيل اليد العاملة النشيطة في شتى أوراشها التنموية، خاصة تلك المخصصة لإعادة بناء وتأهيل البنية التحتية الأساسية مثل أنظمة مياه الشرب والصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، ومرافق الرعاية الصحية والاتصالات. إضافة لتوفيرها لحلول طاقية بديلة لتلبية الاحتياجات الطاقية الأساسية في غياب الكهرباء. دون أن ننسى دورها الريادي في إطلاق برامج التعافي الاقتصادي المخصصة إلى إحياء الاقتصاد المحلي، من خلال توفير وسائل العيش المستدامة والتشجيع على إنشاء الأعمال التجارية.

وتماشيا مع الطفرة التكنولوجية التي تعرفها البشرية، فيمكن للمهندسات وللمهندسين تسخير كفاءاتهم الرقمية من أجل تطوير أنظمة ذكية تكون بمثابة البديل الناجع لتسريع وثيرة إنجاز المشاريع المبرمجة وتلك طور الإنجاز بفلسطين أيا كان تموقعهم. ونذكر منها:

  • تكنولوجيا إدارة اللوجستيات عن بُعد لضمان تتبع فعال لشحنات المساعدة، من التخزين إلى التوزيع. وكدلك لتنظيم توزيع المساعدات الغذائية باستخدام الرصد عن بُعد وضمان تلقي المستفيدين للإمدادات اللازمة.
  • ثم تكنولوجيا التواصل الافتراضي من حيث قدرتها أولا، على تيسير الاجتماعات الافتراضية بين مختلف الفاعلين الإنسانيين لتبادل المعلومات وتنسيق الإجراءات. وثانيا، على توفير خدمات عن بعد كفيلة بتواصل التعليم والولوج ولو نسبيا، لبعض خدمات التطبيب والدعم النفسي. وثالثا، عبر توفير تدريبات وتكوينات و فرص شغل عن بعد، تساعد الفلسطينيين على مواكبة التطور وضمان قوتهم رغم المعيقات الجسيمة التي تخلفها الحروب.  ورابعا، عبر فتح المجال لكل أنصار القضية، لفضح الأكاذيب التي تحاك حولهم وحشد الدعم الدولي اللازم لنصرتهم.

نداء لتضامن المهندسات والمهندسين المغاربة من أجل نصرة القضية الفلسطينية

كمهندسات ومهندسين مغاربة، نحن شهود على العواقب المدمرة للاحتلال والاستيطان في الأراضي الفلسطينية. الظروف الصعبة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، خاصة في مجالات الأمان والتعليم والصحة والبنية التحتية، تتطلب تعاونًا فعالا لنصرة الحق والمظلومين. من الضروري أن ندرك، كمحترفين ملتزمين بالتقدم ورفاهية مجتمعاتنا، أهمية دعم إخوتنا وأخواتنا الفلسطينيين في سعيهم للحرية والكرامة. إنها ليست مجرد دعوة للمساعدة الإنسانية، بل هي دعوة للعمل من أجل إنهاء الظلم والاستيطان.

ومن هذا المنطلق، ندعوكم إلى توحيد مهاراتكم ومواردكم لتقديم حلول عملية للشعب الفلسطيني. معًا، يمكننا أن نلعب دورًا حيويًا في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وننهض بالاقتصاد الفلسطيني، ويمكن أن نتغلب على أصعب التحديات لنصرة القضية الفلسطينية. دعونا نتجاوز الاختلافات ولنتحد كمحترفين ولنوحد مواردنا وخبراتنا، حتى نكون قوة فاعلة في مسيرة تحقيق العدالة والتنمية في الأراضي الفلسطينية.

 

Partager:

Ajouter un commentaire

Votre adresse email ne sera pas publiée