Intreviews

رضوان أستو: حوار حول حراك الساحة الهندسية [2013]

Comment devenir ingénieur au Maroc

حوار مع المهندس » رضوان أستو » مستشار المكتب الوطني لنقابة المهندسين المغاربة

أجراه الصحفي نور الدين بازين ونشر في جريدة « رسالة الأمة » عدد 9333 بتاريخ 25 فبراير 2013

يعود من خلاله إلى تحليل الحراك الذي تعرفه الساحة الهندسية الوطنية، ليس من باب العمل التقني و المهني، ولكن من باب العمل السياسي و النقابي الذي طبع الفترة ما بعد خلق النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة سنة 2007.

س: لا يخفى عن دهن المتتبع للأحداث الوطنية رجوع قضايا المهندسين و تصدرها في العديد من الأحيان الصفحات الأولى للجرائد و المجلات الوطنية بل وحتى الدولية. ماذا حدث؟

ج: المسألة ببساطة أن الوضع الإجتماعي و الإقتصادي للمهندسين المغاربة قد عرف خلال العقدين الأخيرين تدهورا خطيرا كانت له انعكاسات أخطر على مستوى الهندسة الوطنية التي لم تعد تلعب دورها كما يجب، و ذلك نظرا للعديد من المعيقات الموضوعية، كقاطرة للتنمية و عماد نجاح الأوراش الوطنية الكبرى بالشكل اللازم. و بالتالي كان على المهندسين المغاربة دق ناقوس الخطر لأن قضيتهم هي قضية وطنية و ليس فقط قضية فئة مهنية ترغب في تحسين وضعها المادي داخل المجتمع.

س: ما هو تقييمكم العام للحراك الذي خلقه تأسيس نقابة المهندسين؟

ج: بالفعل خلق تأسيس النقابة حراكا و تدافعا داخل الساحة الهندسية و يمكن الجزم بأن نضال المهندسين المنتمين للنقابة كان ضامن استمرار هذا الحراك طيلة السنوات الخمس الفارطة. فمن المكتسبات يمكن ذكر إحياء جمعية المهندسين « الاتحاد الوطني »، إخراج صوت المهندسين إلى الرأي العام كفئة تعاني الأمرين في ممارسة مهامها بكل القطاعات مما أدى إلى إضعاف منتوجيتها و تدهور حالتها المادية، إرجاع الملف المطلبي للمهندسين إلى طاولة الحوار مع الحكومة و المشغلين، دعم المهندسين بإطار نقابي قوي يدافع عن إطارهم و يساندهم ضد التجاوزات التي تلحقهم أثناء إنجاز مهامهم، سواء كانوا بالقطاع الخاص أو العام، و الأهم هو نجاحها في توحيد الصف الهندسي للمطالبة بضرورة إخراج الهيئة الوطنية للمهندسين المغاربة إلى الوجود. و أقتصر على هذه النقاط لأقول أن المهندسين المغاربة يفتخرون بما حقق لغاية الآن رغم أن تطلعاتهم مازالت أعلى من هذا السقف.

س: الصراع ما بين النقابة و الاتحاد؟

ج: هو ليس صراعا، بل اختلاف في وجهة النظر و السبل الناجعة في الوصول إلى الهدف. افتعال الصراع و التسويق له كان مكيدة هدفت بالأساس إلى تشتيت الصف الهندسي و تنفير المهندس من ممثليه، سواء النقابة أو الإتحاد. كما كان وسيلة للتماطل في الرد على المطالب المشروعة للمهندسين. حضرت هذه الحقيقة لدى النقابة منذ الوهلة الأولى و استبقتها بنهج سياسة اليد الممدودة التي أبقت باب الحوار مفتوحا بين الإتحاد والنقابة طيلة الثلاث سنوات الفارطة.

فالصراع الحقيقي هو نضال مشترك ضد من تطاولوا و تجبروا على الحقل الهندسي و اعتبروه ملكا لهم و صادروا المهندسين حق تنظيم مهنهم و كأنهم قاصرون لازالوا في حاجة الوصاية.
الإلمام بهذا الصراع و حده كفيل بتوحيد الصف و أثبت الزمن و تسارع الأحداث رجاحة موقف النقابة و ثباتها عليه.
الآن و بعد قراءة نتائج المؤتمر السابع للاتحاد الوطني و اللقاءات التي جمعتنا مع قيادته الجديدة يمكن الإعلان عن انخراطنا في مرحلة جديدة طوت صفحة هذا الخلاف الزائف و انطلاقنا إلى الأهم.

س: نقابة مستقلة، أي معنى يجب على المتلقي فهمه؟

ج: المعنى واضح و لا يحمل أكثر من معنى واحد و هو الأصح. النقابة هي تمثيلية مهنية و قطاعية مستقلة بذاتها و بقراراتها عن كل الأجندات السياسية. فللأشخاص حق دستوري في الإنتماء لأي حزب سياسي لكن انخراطهم داخل النقابة هو حسب انتمائهم للجسم الهندسي الوطني لا غير و جلوسهم داخل أجهزة النقابة هو مسؤولية تمثيل المهندسين لا غير. لذا فالإستقلالية من وجهة نظري هي سمو الشأن الهندسي عن كل التقاطعات و الأجندات و عن هاجس التموقع و إرادة تمرير مواقف عبر منابر متعددة. و منذ تأسيس النقابة تبين جليا إرادة المهندسين القوية في جعل النقابة خالصة لصوتهم و القارئ لبياناتنا يستشف بسرعة خلوها من أي بصمة من بصمات التيارات السياسية عدا بصمة المهندس المناضل.

س: هل تعني بهذا التعريف أنه لا توجد تيارات سياسية داخل النقابة تحاول الإستحواذ على مناصب القرار؟

ج: ذكرت أن حرية إنتماء الأشخاص للهيئات هي حق دستوري و على غرار ما يحدث في العالم بأسره فالمهندس له مواقف و انتماءت سياسية و إيديولوجية مختلفة. و من العادي تواجد عدد من المهندسين داخل أجهزة النقابة منتمين لنفس الهيئات و تكتلهم طبيعي نظرا لتقارب وجهات نظرهم. إلا أنه و لغاية الآن لم نشهد أي محاولة فرض مواقف أجنبية عن الشأن الهندسي فوق طاولة النقاش.
فالإختلاف و التعددية هما كذلك ضمان للإستقلالية.
و من هذا المنبر أوجه دعوتي للمهندسين المغاربة إلى ترك مقعد المتفرج و الإنخراط بإيجابية بالعمل النقابي و السياسي لأنه حان الوقت لكي يسترجع الجسم الهندسي مكانته داخل المجتمع و يلعب دوره الكامل في تأطير الشارع المغربي بإضفاء لمسته البراغماتية في تسيير الشأن العام و ما أحوجنا لهذه الإضافة النوعية لإنجاح رهانات المستقبل.

س: عذرا و لكن أحس بازدواجية في المقاربة هل هذا صحيح أم تنقصني حلقة وصل. نقابة مستقلة و نداء إلى انخراط المهندسين بالحقل السياسي؟

ج: هي ليست بالإزدواجية و حلقة الوصل هي إرادة رسخت منذ عقود بذهن المواطن عامة و المهندس و الأطر العليا خاصة. هذه الإرادة عملت على إبعاد الكفاءات عن الساحة السياسية و إضعاف صفها لتفتح المجال أمام فئات عمت فيها قلة الكفاءة و ضعف التكوين و استفحل فيها الفساد حتي دنس العمل النقابي و السياسي بشكل سيان. فمن وجهة نظر فئة واسعة من الأطر المغربية أن السياسة مجال وسخ و الإنخراط داخل الأحزاب هو مباركة للفساد و تنازل عن الأخلاق و المبادئ. و بالتالي عزفت الأطر عن العمل النقابي و السياسي و أصبحت الأحزاب الوطنية فقيرة إلى كفاءات تخول لها مسايرة التقدم العلمي و الحاجيات الأساسية للمواطن. و لا أجد فئة متنوعة التخصصات، ذات تكوين رفيع، سريعة التأقلم وقادرة على رفع الرهانات الوطنية سوى المهندسين. فكفى من مقاربة النقد السلبي دون الإنخراط الفعلي في الإصلاح و كفى من نهجنا سياسة المقعد الفارغ. هو نداء لهندسة مواطنة أولا و قبل كل شيء.

س: عودة إلى معطيات نضال المهندسين. خضتم خلال سنة ٢٠١١ أحد عشرة إضرابا، لو أضفنا لها الإضرابات المعلن عنها من طرف الاتحاد لفاق العدد العشرين، ناهيك عن الوقفات الإحتجاجية و المراسلات و « أسبوع غضب هندسي » كشكل نضالي فريد من نوعه، ثم ٢٠١٢ سكون شبه تام، فمؤتمر الاتحاد و يليه مؤتمر النقابة. ما هذا التذبذب في وثيرة النضال؟

ج: في الحقيقة هو سؤال وجيه يحيلنا إلى تقييم عمل النقابة طيلة هذه المدة. ما أود أن أذكر به، هو أن هذا المشوار النضالي الطويل كان إيجابيا لأنه نجح في رص الصف الهندسي و أعاد قضاياه إلى الواجهة و لكن الوجه الآخر هو اصطدام هذا النضال بحائط صدًٍّ منيع رفض الحوار و فرض على المهندس المغربي،بتواطئٍ مع بعض الجهات، و خاصة المهندس العامل بالقطاع العام قانونا أساسيا أهدر مكتسباته و أضر بتدرجه المهني مما خلف استياءا بالغا لدى هذه الفئة التي تعتبر عماد النضال النقابي. لذا فحالة شبه الركود المسجلة سنة ٢٠١٢ هي بالأحرى فترة فقد فيها المهندس الثقة في المخاطب و انصرف عن مطالبه و انخرط في مسار التغيير الذي عرفته بلادنا من دستور وانتخابات تشريعية.
لذا فحالة السكون هي فقط عرضية لأن الأجهزة المسيرة للنقابة تابعت العمل بانتظام و وفاء و واكبت تحضيرات المؤتمر السبع لجمعية المهندسين « الاتحاد الوطني » و ساندته لتأكيد عزمها المضي في مسار نضال متكامل. و ها نحن الآن على مشارف المؤتمر الثالث للنقابة و نسجل بارتياح انخراط المهندسين في إنجاح الجموع العامة بمختلف القطاعات و بالتالي أؤكد عدم ركود الصوت الهندسي المناضل و أننا نعيش الآن فترة عمل دؤوب لإعادة ترتيب الأوراق لمواجهة التحديات القادمة.

س: سمعنا عن تجميد عضوية مهندسين بالمكتب التنفيذي للنقابة تبين من بعد انهم قياديون بارزون في جماعة العدل و الإحسان. هل كان قرارا سياسيا؟ و ما مآل الملف؟

ج: هو قرار اتخذته اللجنة الإدارية بعد إعداد المكتب التنفيذي لتقرير عن معيقات العمل و كان من بينها الغياب المتكرر للعضوين و انقطاع التواصل معهم رغم محاولات دامت شهورا بل و فاقت السنة. و بعد إحالة ملفهم على لجنة الأخلاقيات و التقرير التي قدمت بخصوص هاته الحالة، صوَّت أعضاء اللجنة الإدارية لقرار استئناف المهندسين لمهامهم شريطة التزامهم بمسؤلياتهم طيلة الفترة المقبلة و حتى المؤتمر. إذن هو ليس قرارا سياسيا، فنحن نقابة مهندسين نخضع لقانون أساسي و نظام داخلي و ميثاق انضباط نسهر على تطبيقهم بصفتنا أعضاء المكتب التنفيذي.

س: ما هو تصوركم للمؤتمر الثالث؟

ج: سيكون مؤتمرا ناجحا بكل المقاييس. فالرهان كبير. و المهندسون واعون بثقل المرحلة المقبلة فهناك العديد من الملفات الهيكلية التي لم تعالج في الخمس سنوات الفارطة رغم طرحها من طرفنا أمام العديد من المسؤولين. كإنشاء هيئة المهندسين المغاربة، حماية حقوق مهندسي القطاع الخاص، التكوين و البحث العلمي، تقنين قطاع مكاتب الدراسات و الاستشارات الهندسية… إلى غيرها من الملفات.

س: لاحظنا في الآونة الأخيرة تحرك أحزاب من داخل الأغلبية الحكومية و كذا الأحزاب المعارضة لإحياء تنظيماتها الموازية الخاصة بالمهندسين أو حتى خلقها. هل يكن قراءة هذا الحراك بمتابة استعدادها للإنخراط بشدة في المؤتمر القريب للنقابة بعد تغييبهم القصري عن الإتحاد؟و لو صحيح هذا الأمر ماذا ستكون حضوض المهندسين اللامنتمين سياسيا في الوصول إلى الأجهزة المسيرة؟

ج: أسعدني سماع كل هذه المعطيات و أتمنى من خالص قلبي أن تكون صحيحة. لأنها ستكون أكبر دليل على نجاح النقابة في إعادة المهندس المواطن و المسؤول إلى المشهد السياسي.
أما فيما يخص المهندسين اللامنتمين سياسيا فهم كغيرهم. مساطر انتخاب المؤتمرين واضحة و لا تخصص حيزا أو تفضيلا بين المهندسين حسب انتماءاتهم. كلنا أفراد أسرة واحدة و سواسية و الانتخابات تجري في ظروف ديموقراطية و شفافة و الباب مفتوحة للجميع. من استحق أهلية تمثيل المهندسين فهنيئا له بالتكليف.

س: كلمة أخيرة أو رسالة توجهها من هذا المنبر؟

ج: يُنظم المؤتمر الثالث للنقابة يومي ٢١ و ٢٢ أبريل المقبل بالرباط و أدعو جميع المهندسين المغاربة للإنخراط الجاد في إنجاح هذه المحطة، فالنقابة هي إطارهم و استمراريتها مرهونة باستمرار نضالهم و قوتها لا تستمد إلا من ثقتهم و دعمهم. إذن، لنتحد جميعا من أجل نقابة مستقلة في مستوى تطلعات المهندس و الوطن.

Partager:

Ajouter un commentaire

Votre adresse email ne sera pas publiée