Articles

الفصل 3: الابتكارات الهندسية حاسمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

الفصل 3: الابتكارات الهندسية حاسمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

هذا النص هو مقتطف من الملخص التنفيذي لتقرير اليونيسكو بخصوص الهندسة و التنمية المستدامة الصادر في 04 مارس 2021. و نعيد نشره قصد تسهيل الاطلاع عليه من طرف قرائنا الكرام و خلق نقاشات حول فحواه.

حتى ولو كان مجال الابتكارات الهندسية واسعا، يُقدم الفصل 3 بعض المجالات الهندسية المختارة التي تظهر كيف يمكن للإبداع المرتبط بالتكنولوجيات الناشئة أن يعالج التحديات الرئيسية ويساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتشمل مجالات العمل وباء كورونا كوفيد- 19 ، والمياه النظيفة والصرف الصحي فضلا عن القضايا المتصلة بالهندسة الهيدرولية وحالات الطوارئ المناخية والكوارث الطبيعية والطاقة النظيفة وهندسة التعدين والاستفادة من التكنولوجيات الناشئة مثل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية من أجل التنمية المستدامة.

الفصل 3: الابتكارات الهندسية حاسمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

ولا تقتصر هذه الحلول الهندسية على الوسائل التكنولوجية فحسب، بل إنها ترتبط أيضا بالمدونات والقواعد والمعايير الأخلاقية لضمان القيام بالممارسات الهندسية بصورة مسؤولة. ومن الجدير بالذكر أيضا أن برنامج اليونسكو للهندسة ومراكز الفئة الأولى والثانية تحت إشراف اليونسكو، مثل اللجنة الدولية المعنية بالتعليم الهندسي، والمركز الدولي للتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا والتجديد، ومركز اليونسكو للتعلم القائم على معالجة المشكلات وغيرها من المراكز يلعبون دورا حيويا بشكل خاص في تعزيز الابتكارات الهندسية الموجهة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

محاربة فيروس كورونا ) كوفيد- 19 ( وتحسين الرعاية الصحية عن طريق الهندسة

يشارك المهندسون بنشاط في مكافحة فيروس كورونا )كوفيد- 19 ( من خلال استخدام التكنولوجيات المتقدمة التي تشمل الأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية وتكنولوجيات الاعلام والاتصال وشبكة إنترنت الأغراض الطبية والذكاء الاصطناعي والروبوتات والتصنيع الإضافي.

أدّت هذه الجهود إلى تسريع القدرة على الكشف السريع والدقيق عن العدوى الفيروسية وأتاحت عددًا من أجهزة دعم الحياة المعقدة مثل أجهزة التنفس الصناعي وأجهزة التصوير والمراقبة الطبيين فضلاً عن العزل الفعال وتتبع الاتصال وتحليل البيانات الضخمة التي تقدم المساعدة في الوقت المناسب ضمن نظام الرعاية الصحية.

يركز العديد من مهندسي الطب الحيوي حاليًا على التخفيف من حدة الجائحة في حين أنّ الهدف العام هو تحسين الرعاية الصحية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال استخدام التطورات التكنولوجية للمساعدة في التشخيص السريع والعلاج وإعادة التأهيل لصالح المرضى مع تحقيق دقة أكبر بتكلفة أقل من أجل وفرة الصحة للجميع.

الهندسة المائية من أجل التنمية المستدامة

هناك اهتمام كبير بالمياه باعتبارها شرطا أساسيا للحياة في مجال التنمية المستدامة. تعتبر مشاكل المياه العالمية، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والتلوث الناجم عن الأحداث الطبيعية والبشرية المنشأ مثل الأمطار الشديدة وارتفاع منسوب مياه البحر والأنهار وحرائق الغابات والنفايات السائلة المنزلية والصناعية غير المعالجة، تحديات رئيسية على الصعيد العالمي تتطلب إدارة مناسبة وفعالة من أجل تلبية الطلب المتزايد على المياه النظيفة. فالعلاقة الوثيقة بين صحة الإنسان ورفاهية المجتمعات المحلية التي تتمتع بإمكانية الحصول على المياه النظيفة عامل حاسم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.

على الرغم من حقيقة أن الحقّ في الحصول على مياه الشرب المأمونة والنظيفة وخدمات الصرف الصحي قد تم الاعتراف به كحق من حقوق الإنسان من قبل الأمم المتحدة في عام 2010 ، لا تزال هناك تحديات كبيرة لضمان التنفيذ الكامل )لهذه الحقوق( لا سيما في البلدان الأقل تطورا. فاليوم هناك اهتمام غير مسبوق بالمياه النظيفة في السياسة العامة وذلك في إطار محاولات احتواء انتشار فيروس كورونا )كوفيد 19 -(.

وتاريخيا، لعب المهندسون المدنيون والبيئيون دورا بارزا في تصميم وتشييد مشاريع ضخمة للبنية الأساسية سمحت بتوفير المياه النظيفة وأنظمة صرف صحي ملائمة. لقد أدى إحراز تقدم كبير في الهندسة المائية والبيئية في العقود الماضية إلى تطوير تكنولوجيات جديدة وأكثر كفاءة في مجال المياه مثل الأكسدة المتقدمة والامتزاز والتناضح العكسي والترشيح النانوي والمستدق للأغشية المستخدمة لإزالة المواد ذات الأولوية في المعالجة المتطورة للمياه.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الابتكارات في التخصصات الهندسية، مثل الفضاء الجوي والأقمار الصناعية والهندسة الإلكترونية والحاسوبية وتكنولوجيات الاستشعار عن بعد، تسهم في تحديد الاتجاهات في دورة المياه حيث تكتسي هذه الاتجاهات أهمية قصوى للتقييم الشامل للتأثيرات الكمية والنوعية المتصلة بالمياه والناجمة عن تغير المناخ.

سوف تمثل التغيرات الهيدرولوجية الناجمة عن تغير المناخ تحديات للإدارة المستدامة للموارد المائية. وتتعرض هذه الموارد بالفعل لضغوط شديدة في العديد من مناطق العالم، وستزيد هذه التحديات من تفاقم الأوضاع في المناطق التي تعاني بالفعل من إجهاد مائي كما ستولد هذا الإجهاد المائي في المناطق التي لا تزال الموارد المائية وفيرة فيها حاليا. يوفر علم الهيدرولوجيا معرفة ومعلومات عملية عن تدفقات المياه ونقلها وإدارتها، وهي عمليات ترتبط ارتباطا وثيقا بالتطبيقات الهندسية.

منذ عام 1930 ، تزامن تطور العلوم الهيدرولوجية كمجال منفصل للتحقيق العلمي مع زيادة هائلة في تطوير البنية التحتية للمياه المهندسة على مدى العقود الأربعة اللاحقة. وعلاوة على ذلك، فإن الزيادة السريعة في تطوير البنية التحتية المائية أدت إلى استعمال التطبيقات الهندسية في جميع أنحاء العالم، مما يعني أن الهيدرولوجيا والهندسة علمان يتطوران بشكل أساسي جنبا إلى جنب.

الهندسة من أجل الحد من حالات الطوارئ المناخية وخطر الكوارث

من الضروري تكييف تصميم وبناء وإدارة البنى التحتية لمواجهة التحديات المتصلة بالمناخ ولدعم تنفيذ الإجراءات التكيفية أو التصحيحية. يسمح تحديث المدونات والمعايير والمبادئ التوجيهية الوطنية وتحسين الخدمات المناخية للمهندسين بالتوصل إلى معالجة المخاطر التي تهدد البنى التحتية المرتبطة بتغير المناخ.

يمكن للبلدان التعرّف على مخاطر تغير المناخ وفهمها وتسييرها عن طريق تحديد أولويات التخطيط من أجل التكيف وإجراءاته، بما في ذلك تنفيذ إجراءات التشغيل والصيانة التي تطيل عمر البنى التحتية المعرضة لخطر الفشل. تضطلع اليونسكو بدور حيوي في بناء ثقافة عالمية للصمود بحيث تعمل على التفاعل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصالات وتساعد البلدان في بناء القدرات في مجال إدارة الكوارث والمخاطر المناخية.

دور الهندسة في توفير طاقة نظيفة وبتكاليف مناسبة

إن الطاقة المستدامة ضرورية لمواجهة التحديات المتعلقة بتغير المناخ والتنمية المستدامة. ترتبط الطاقة ارتباطا وثيقا بتحولات مجتمعاتنا واقتصاداتنا، سواء من حيث نمط الحياة أو الغذاء أو النقل، كما أنها تدخل في صميم تحول نظم الإنتاج التي تشمل تطوير مصادر الطاقة خفيضة الكربون. وفي هذا الصدد، سلطت جائحة فيروس كورونا )كوفيد- 19 ( الضوء على أهمية نظم الطاقة الشاملة والقادرة على التحمل.

تكنولوجيات التعدين المستدامة في المستقبل

يمكن للتعدين أن يسهم إسهاما إيجابيا في تحقيق الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة، ولكن ذلك لن يتحقق – إلّ إذا جددت هذه الصناعة نفسها. وخلال السنوات الثلاثين الماضية، تمّ وضع مجموعة واسعة من الرؤى والأهداف والأساليب والتكنولوجيات والعمليات وغيرها من التدابير لتحسين تطبيق أنشطة التعدين المستدام.

البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية

وقد ازداد توافر كميات كبيرة من البيانات غير المتجانسة من مصادر متعددة بشكل هائل، حتى أصبح الآن من الضروري صياغة استراتيجيات ووضع عمليات وخوارزميات، مثل الذكاء الاصطناعي، لتحليل مجموعات البيانات الكبيرة بفعالية، وفتح فرص جديدة للباحثين والمهندسين وأصحاب المشاريع عبر مجموعة واسعة من المجالات. تتضمن أنظمة البيانات الضخمة العديد من التقنيات المتطورة ومجموعات المهارات التي تتضمن الدراية بالمجال المعرفي وتحليل البيانات والمعرفة الإحصائية والمهارات المتقدمة في مجال عرض البيانات. لقد كانت الإمكانات التحويلية للبيانات الضخمة في الرعاية الصحية وإدارة القطاع العام وتجارة التجزئة والتصنيع والحياة اليومية مقبولة على نطاق واسع.

وبالنسبة للمهندسين، ستكون نتائج الدراسات التحليلية للبيانات الضخمة ذات أهمية خصوصا في مجالات عدة من بينها الصيانة التنبؤية والوقائية وتصميم المنتجات والتصميم الهيكلي مما يؤدي إلى إدارة المشاريع بكفاءة أكبر وزيادة الفعالية من حيث التكلفة في سياق التنمية المستدامة. غير أنّه لا يمكن إطلاق الإمكانات الهائلة للبيانات الضخمة إلا باستخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المناسبة. تشكل هذه الأخيرة جوهر الثورة الصناعية الرابعة، وتؤثّر على جميع جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من التصنيع المتقدّم والإمدادات بالطاقة والنقل والرعاية الصحية والتعليم والزراعة إلى مختلف أنواع التجارة والخدمات الاجتماعية والوظائف المنزلية . بإمكان الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة أن يثمّنا الهندسة من أجل أهداف التنمية المستدامة، ولكن هناك أيضا عواقب سلبية من حيث الخصوصية والأمن وأمور أخرى. ولذلك يتعيّن على المهندسين التصرف بمسؤولية عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لصالح عامة الناس والكوكب.

وينبغي أن تعمل البيانات الضخمة جنبا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي للمساعدة في بناء مجتمعات ومدن أكثر صمودا في جميع أنحاء العالم قادرة على مواجهة تحديات هائلة من الازدحام المتزايد وتدهور نوعية الهواء وعدم كفاية توافر المياه ونقص التخلص من النفايات وإدارتها بشكل صحيح والمخاوف الصحية العامة وزيادة معدلات الجريمة وما إلى ذلك. إنّ تطبيق التكنولوجيات الذكية يغيّر الطبيعة، وبالتالي يتعيّن على اقتصاديات البنى التحتية أن تتعامل مع هذه التحديات الخضرية. وعلى نحو ما، فإنّ هذا يتيح أيضا فرصا هائلة للمهندسين وأخصائيي التكنولوجيا في المستقبل لخلق أفكار جديدة لتنفيذ تطبيقات فعالة من حيث التكلفة في التطوير الشامل والموسع للمدن، مع تحسين نوعية الحياة الحضرية. ويحدد تقرير الأمم المتحدة للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي لعام 2019 أيضا التنمية الحضرية باعتبارها مدخل أساسي إلى التنفيذ المتكامل لأهداف التنمية المستدامة.

أنقر هنا لتحميل التقرير

Partager:

Ajouter un commentaire

Votre adresse email ne sera pas publiée